9tv : هيئة التحرير
في خطوة جريئة ومزلزلة، وجّه المرصد الوطني لتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد بالمغرب مراسلة رسمية إلى رئيس مجلس مقاطعة سباتة، يطالبه فيها بكشف المستور حول ملف يثير جدلاً واسعاً بين الساكنة: مشروع تأهيل ساحات درب الحجر – الزنقة 7 و8، الذي تحوّل من “حلم بيئي” إلى “كابوس إسمنتي”.
المرصد لم يترك للغموض منفذاً، بل طالب صراحةً بكشف قيمة الميزانية المرصودة للأشغال،وسأل عن مصدر التمويل،هل من جيوب دافعي الضرائب عبر ميزانية الجماعة؟ أم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟ أم عبر صفقات مع شركاء مجهولين؟
وطللب المراسلة كذلك بنسخة من التصميم ودفتر التحملات، خصوصاً فيما يتعلق بقرار دفن المساحات الخضراء تحت أكوام الإسمنت،واسم المقاولة التي تسلمت المشروع، وتاريخ انطلاق وانتهاء الأشغال.
كما تساءل المرصد عن المبررات التقنية والقانونية لاقتلاع الرئة الخضراء وتعويضها بتجهيزات إسمنتية؟
السكان، الذين صدموا بمشهد اختفاء المساحات الخضراء التي كانت المتنفس البيئي الوحيد في حي مكتظ، وجدوا أنفسهم أمام واقع مرير: فضاءات طبيعية أُبيدت لصالح بلاط إسمنتي خانق. لا لوحات توضيحية، لا جلسات تشاورية، ولا حتى إشعار مسبق… وكأن الأمر مجرد صفقة تُدار في الظلام.
المراسلة، المؤرخة في فاتح شتنبر 2025، لم تكتفِ بالانتقاد، بل استندت إلى القانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، الذي يُلزم الإدارة بتمكين المواطنين من معطيات دقيقة داخل أجل لا يتجاوز 20 يوماً. لكن التجارب السابقة تؤكد أن هذا الحق غالباً ما يُدفن تحت ركام البيروقراطية و”الآذان الصماء”.
القضية لم تعد مجرد مشروع تهيئة بسيط، بل تحولت إلى اختبار حقيقي للشفافية داخل مجلس مقاطعة سباتة. فهل نحن أمام “تأهيل” يخدم الساكنة؟ أم أمام عملية مدروسة لفتح شهية مقاولات الإسمنت والصفقات الملتبسة؟
في زمن تتحدث فيه الدولة عن التنمية المستدامة، والحد من التلوث، والعدالة البيئية، تأتي مثل هذه القرارات العبثية لتزرع الشكوك وتفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة عن عقلية التدبير المحلي. فالفضاء الأخضر ليس ترفاً، بل هو حق بيئي ودستوري، وأي محاولة لمحو هذا الحق بالإسمنت هي جريمة في حق الأجيال المقبلة.
المرصد الوطني أشعل الشرارة، والسكان يترقبون الجواب… فهل يجرؤ مجلس مقاطعة سباتة على كشف الأرقام والتصاميم والصفقات؟ أم أن الملف سينضاف إلى سجل الفضائح التي تُؤرَّخ بالخرسانة وتُمحى بالخيانة؟.