من الاحتجاج والامل إلى التخريب: من المستفيد؟ وكيف اختُطف حراك الشباب في لحظة فارقة؟

9TV 9TV1 أكتوبر 2025Last Update :
من الاحتجاج والامل إلى التخريب: من المستفيد؟ وكيف اختُطف حراك الشباب في لحظة فارقة؟

9tv : بونفاع محمد

ما وقع بالأمس لم يكن مجرد انزلاق عابر، بل هو علامة على عمق الأزمة التي نعيشها بين شارع يتوق إلى التغيير ودولة ما زالت تتعامل بعقلية “الأمن قبل السياسة”. حركة GENZ212 قدمت نموذجاً سلمياً لأربعة أيام كاملة، شبان خرجوا بوعي وبتنظيم رقمي غير مسبوق، ليقولوا بصوت مرتفع إن زمن الصمت انتهى. لكن فجأة، وفي لحظة فارقة، انقلب المشهد من هتافات سلمية إلى تخريب وفوضى.

اللافت أن هذا التحول لم يأتِ في فراغ زمني، بل تزامن مباشرة مع صدور بيان الأغلبية الحكومية. بيان بارد، تقني، صب الزيت على النار ،يعدد إنجازات عامة دون أن يلامس جوهر مطالب الشباب،بالنسبة للمتظاهرين، كان ذلك البيان بمثابة صفعة اعتراف ضمني بأن السلطة لم تسمعهم أصلاً،وهنا ارتفع منسوب الغضب، ووجدت العناصر المندسة والهامشية فرصة مثالية لتحويل مسار الاحتجاج نحو العنف.

على امتداد الأيام الأولى، ظل سؤال القيادة معلقاً: من يقود هذه الحملة الرقمية؟ لماذا يختبئ قادة GENZ212؟ ولماذا لا يخرجوا إلى العلن؟ الجواب بسيط ومعقد في الآن ذاته، تراكمات سنوات من المقاربة الأمنية، الاعتقالات السابقة، والرقابة على النشطاء دفعت القادة إلى الاختباء وراء الهواتف والشاشات، مكتفين بالتنسيق الافتراضي، فكانت النتيجة،حين نزل الشباب إلى الشارع،وجدوا أنفسهم بلا قيادة ميدانية تحميهم أو توجههم، ما جعل الحركة مكشوفة أمام الاختراق والتشويه.

قد يقال إن ما وقع مجرد انفلات طبيعي لغضب شباب متهور، بلا قيادة ولا ضوابط،وقد يقال أيضاً إن “الأيادي الخفية” كانت حاضرة،وانه وجود عناصر مندسة دفعت الاحتجاج نحو العنف، لتتحول الحركة من مصدر إزعاج سياسي إلى ملف أمني على طاولة وزارة الداخلية.

وقد يكون المشهد أبسط وأعقد في الوقت نفسه،هو ان جزءا من الصورة واقعي ومتأصل من الغضب ونابع من بطالة وتهميش وفقدان أمل، وجزء آخر مصنوع أو موجّه ليستفيد منه هذا طرف على الاخر،فالحكومة تجد في الفوضى مبرراً لتشديد قبضتها، والمعارضة تجد فيها ورقة ضغط لإرباك السلطة، وقوى خارجية قد لا تفوّت الفرصة لتأليب الشارع وإضعاف صورة المغرب.

الخطير هنا ليس فقط التخريب في ذاته، بل تآكل الثقة،كيف سيصدق الناس أن احتجاجاً سلمياً يمكن أن يستمر دون أن يُركب عليه أو يُخترق؟ وكيف سيصدق الشباب أن الدولة قادرة على الاستماع بدل الاكتفاء بانتظار لحظة الفوضى لتقول: “انظروا، هذا هو الشارع”؟

ما وقع بالأمس هو معركة على الرواية، فالحكومة ستقدمها كدليل على “خطر الفوضى”، بينما الشباب سيصرون أنها مجرد مؤامرة لتشويه حراكهم. وفي النهاية، الضحية واحدة: فكرة الاحتجاج السلمي ذاته.

الخروج من هذه الحلقة المفرغة يحتاج إلى جرأة سياسية، لا فقط إلى قوات مكافحة الشغب،يحتاج إلى حوار حقيقي مع هذا الجيل، إلى قنوات مفتوحة بدل العزل، وإلى خطاب رسمي لا يخلط بين العنف والاحتجاج،لأن استمرار المعالجة الأمنية وحدها لن يؤدي إلا إلى مزيد من الغضب، وربما إلى انفجارات أكبر وأخطر.

الأمس كان جرس إنذار،إما أن نقرأه بجدية، أو أن ننتظر لحظة أخرى حيث تتحول كل الساحات إلى مسرح للفوضى.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News